تقول الحكاية إن رجلاً يسكن في قرية وعنده زوجة وزوجته لديها صديقة وهذه الصديقة لا تأتيها في منزلها بل هي تذهب إليها في بيتها وجرت العادة أن لا تذهب إليها خالية اليدين بل كانت تأخذ معها في كل مرة شيء لتأكلها.

 فمرة تأخذ لها خبزاً ومرة هريس ومرة بعض الحلويات المصنوعة في البيت ومرة أرزاً باللحم ومرة بالسمك ومرة بالدجاج وكلّ يوم شكل، وفي يوم من الأيام قالت لها مرة ثانية إذا أتيتي إحضري لي مرقة بالديك فنفسي أكل ديكا، فقالت لها: هل تريدي جزءاً منه؟ فقالت لها: كلا أريده كلّه، فقالت كلّه لا أستطيع، فنحن لدينا في الحظيرة ديك واحد وإذا ذبحته سيسأل عنه زوجي وسوف ينفضح أمري، فقالت لها هذه مشكلتك وليست مشكلتي فإبحثي عن حلّ فأنت أمّ الأفكار والحلول...

وبعد أيام أتت لها بالحلّ فقالت لها إسمعي أنا سأخبر زوجي بأنّ الديك أصبح لا يصلح لنا ونريد أن نذبحه على الغداء وسوف أقول له إعزم (أدعو) من سيصلّي على يمينك وفي اليوم المحدّد إذهبي وصلّي على يمينه وهو سوف يدعوكِ على الغداء وبهذا تكوني قد أكلتِ من الديك حسبما تشائي إلي أن تشبعي، فقالت لها ببرود: فكرة جيدة، وسوف أحاول.

 فذهبت إلى البيت ولما وصل زوجها قالت له يا أبا فلان أريدك تذبح الديك، فقال لها أذبح الديك؟ لماذا؟ فقالت له: الديك يا أبا فلان ليس طبيعياً، أولاً فهو يؤذن في غير وقته، ثانياً انه يؤذي الدجاج، ثالثاً خرب حاجات البيت، إضافة إلى أنّ الديك كبر وصار عجوزاً وأنت لازم تذبحه، فقال لها لكن يا بنت الحلال إذا ذبحته كيف نأكله الديك كبير ويكفي أربعة أنفار وليس في البيت إلّا أنا وإنت فقالت له بسيطة ضاعت ولقيناها ما رأيك في يوم ذبحه تدعو اللّي يصلي معك صلاة الظهر على يدك اليمين فقال لها إذا كان ذلك فلا بأس! فذبحوا الديك وذهبت المرأة إلى صديقتها وأخبرتها بالذهاب إلی الصلاة الظهر في مسجد القرية علی یمین زوجها فوافقت...

 فرجعت المرآة إلی بیتها و طبخت الدیك وأحسنت طبخه وطيبته بالبهارات والمكسرات والبيض وماء الورد والزعفران لأنّ صديقتها سوف تأكل منه وفي الساعة المحددة وعند إقامة صلاة الظهر تأخرت صديقتها فدخل رجلٌ وصلّى على يمين زوجها وبعد أن إنتهی من الصلاة، قال زوجها للرجل الذي علی يمينه: تفضّل معي يا أخي على الغداء. فقال له الرجل وما المناسبة؟ فقال له الزوج: نويت في نفسي أن أعزم (أدعو) من يصلي على يميني صلاة الظهر وأنت صلّىت على يميني.

فقال له الرجل: شكراً على دعوتك لي وأنا رجل غريب عن هذه القرية، فذهب الرجل مع زوج المرأة إلى البيت وعندما خرجت الزوجة شاهدت رجلاً غريباً يمشي مع زوجها ناحية البيت فأمعنت النظر جيداً وتأكدت بأن الذي مع زوجها ليس بصديقتها، فلمّا دخل زوجها قالت له: هل هذا هو الرجل الذي صلّى على يمينك؟! فقال لها: نعم هذا هو الرجل بعينه، فقالت: يمكن أن تكون مخطئاً؟! فقال لها: وكيف أغلط في إنسان صلّى على يميني وبعد الصلاة سلّم عليّ وسلّمت عليه؟!!

 المهمّ، جهّزي لنا السفرة، فقالت له: إن شاء الله، ولكن تذكرت شيئاً، فقال لها زوجها: ماذا بعد؟ فقالت: لا يوجد لدينا ليمون ولا جرجير ولا بصل للسلطة، فقال لها وهل هذا مهمّ؟! فقالت لا تكمل العزيمة (العزومة) إلّا بهذه الأشياء! دع ضيفك في المجلس وإذهب واحضر لنا النواقص، فقال لها حاضر، فذهب زوجها للسوق وذهبت المرأة ووضعت يد الهاون (الهون) في النار ولما إستوت حمراء مثل الجمر، دخلت على الرجل وقالت له لماذا دعاك زوجي على الغداء؟ هل يعرفك فقال الضيف كلا، فقالت وهل أنت تعرفه فقال الضيف كلا، فقالت يا مسكين زوجي رجل مجنون إعتاد في كل حين أن يدعو رجلاً على الغداء ثم يقيده ويضرب بالهاون علی رأسه، فقال الضيف ما هذا الكلام يا إمرأة؟ فقالت الزوجة: لست أول واحد ولا آخره! فقال لها وما العمل إذاً؟

فقالت له إهرب بجلدك قبل أن يعود ويحضر معه الرجال ثم يقيّدونك ويفعل بك ما فعله بمن قبلك.

 فشكرها الضيف وخرج من البيت وذهبت المرأة وأخفت القدر بما فيه من رز ولحم الديك ومزعت ثيابها وجلست تبكي فلمّا رجع الزوج وجدها تبكي فقال لها ماذا بك يا امرأة؟ فقالت له من هذا الرجل الذي أحضرته معك؟! فقال وما به؟ فقالت: هجم عليّ وكاد أن يغتصبني وعندما قاومته أخذ القدر بما فيه من رز ولحم الديك وهرب، فخرج الرجل يجري خلفه وهو يقول له قف يا هذا، قف يا هذا ...

وبهذا المكر الغريب من المرأة إستطاعت أن تحتفظ بالديك كاملاً لصديقتها دون الإكتراث بزوجها.

الصفحة السابقة الصفحة التالية فهرس الكتب